من أصعب المهن التي يحترفها النّاس مهنة الصّحافة، فقد عرفت الصّحافة منذ القدم حين كان النّاس يتناقلون أخبار المعارك وغيرها من الأحداث المهمّة، وكانت بعض الحضارات تقوم بتدوين تلك الأحداث على الألواح أو الجدران، وقد تطوّرت الصّحافة حتّى وصلت ذروة التّطور في عصرنا الحاضر لتأخذ الصّحافة أشكالاً مختلفةً في طريقة النّشر، فبعد أن كانت الصّحافة تقتصر على الكتابة في الصّحف، تطوّر الحال ليشارك المذياع في نشر المادّة الصّحفيّة ثمّ التّلفاز، ثمّ تجلّت ذروة تلك التّطورات حين ظهرت المواقع الإخباريّة الالكترونيّة التي أصبحت تنافس الصّحافة الورقيّة بشكلٍ كبيرٍ بسبب ما تتمتّع به من ميّزات في سرعة نشر الأخبار العاجلة وسهولة تلقّيها من قبل الجمهور، وإنّ انتشار الصّحافة أدّى إلى زيادة الحاجة إلى صحفيين محترفين يقومون بتقديم المادة الصّحفية بكلّ مهنيةٍ ومصداقيّة، ولا شكّ بأنّ مهنة الصّحافة تتطلّب صفاتٍ معيّنةٍ في من يمتهنها، نذكر منها :
- أن يكون الصّحفي ملمّاً إلماماً تامّاً باللّغة العربيّة الفصحى كتابةً ومشافهة، فقد يحتاج في أحيانٍ كثيرةٍ إلى إجراء مقابلاتٍ شفهيّةٍ مع مسؤولين ورجال أعمال، وهنا تتجلّى عبقريّة الصّحفي الذي يمسك بزمام الحوار بكلّ مهارة بحيث يكون قادراً بلغته على اصطياد المعلومة المطلوبة من فم المحاور، كما أنّ طريقة طرح السّؤال تحتاج إلى مهارةٍ في ذلك حيث يجب أن يتحلّى الصّحفي بالهدوء والسّكينة لكي يشعر المحاور بالرّاحة وهو يدلي بالمعلومة، كما أنّ الصّحفي النّاجح هو الذي يكون قادراً على إدارة دفّة الحوار وتوجيه المحاور نحو بوصلةٍ معيّنة، كما أنّ الصّحفي النّاجح مستمتعٌ جيّد يتمتّع بذاكرةٍ جيّدة.
- ومن الصّفات التي ينبغي أن يتمتّع بها الصّحفي قوّة الشّخصيّة والجرأة في الطّرح، والشّجاعة التي تمكّنه من ولوج أماكن قد تحفّها المخاطر المختلفة من أجل الوصول إلى المعلومة، ونحن نرى كثيراً في وقتنا الحاضر من الصّحفيين الذين يذهبون ضحيّة إصرارهم على البحث عن الحقيقة والخبر الصّحيح.
- وأخيراً فإنّ الصّحفي الماهر هو الصّحفي القادر على تمييز الأخبار التي يتلقّاها من النّاس بحيث يستطيع تمييز الحقيقي من الزّائف منها، وبالتّالي يستطيع توصيل معلومةٍ أقرب إلى الصّحة بنسبةٍ كبيرةٍ إلى متلقي الخبر، وأن يكون متمتّعاً بالمصداقيّة والموضوعيّة التي تمكّنه من صياغة خبرٍ بعيدٍ عن الهوى والرّأي الشّخصي.